التربية ليست بالمجال الهين الذي يتعلمه الفرد بعفوية، فالأب والمعلم وحتى أي شخص كبير يتعامل مع الأطفال يجب أن يكون متطلعًا ومجربًا للوسائل التربوية المتاحة كافة؛ لتعينه على التربية والتعامل الصحيح مع الأبناء أو الأطفال بشكل عام. المعضلة التي قد يواجها المربي هي الزخم الهائل من المعلومات النظرية حول التربية الصحيحة، فالمربي – بعد اطلاعه على المصادر- يصاب بالحيرة فيما هو مناسب وما ليس مناسبًا لأبنائه أو طلابه، والحيرة الأعظم تقع في كيفية تطبيق الوسيلة التربوية الجديدة؛ لأن الغالبية العظمى من المراجع تشرح الوسيلة بأسلوب نظري دون التطرق للجانب العملي.
حبي للقراءة في المجال التربوي والنفسي أوصلني لكتاب “هكذا علمني جدي الطنطاوي” الذي أنصح بقراءته كل مربي يبحث عن مرجع سهل وبسيط لغةً وأسلوبًا، فالكتاب يقع في 240 صفحة فقط، ويتوافر على شكل نسخة إلكترونية لمن لا يستطيع الحصول على نسخة ورقية، والكتاب – حقيقة – هو تجميع لمجموعة حلقات كتبتها – حفيدة الشيخ علي الطنطاوي- عابد مؤيد العظم، ولقد نشرت المقالات كسلسلة متواصلة بمجلة “المجتمع” الكويتية تحت عنوان: “لمسات في التربية من جدي الشيخ علي الطنطاوي.“
الكتاب مقسم إلى تسعة فصول، بناء على الموضوع العام الذي تتناوله المقالات المتضمنة، فمنها فصول متعلقة بالصفات التي يجب أن يتصف بها المربي كالعدل والمساواة والحزم، ومنها ما يتعلق بكيفية التعرف على خصائص الطفل، وأغلب الفصول متعلقة بكيفية غرس القيم والعادات الصحيحة في الأبناء بشتى الطرق المختلفة.
ما يميز هذا الكتاب هو الأسلوب السلس في الطرح من حيث اللغة وتقسيم الموضوعات، وأكثر ما يميزه من هذا هو استخدام القصة كأسلوب تطبيقي للجانب النظري، فالقارئ للكتاب لن يتعرف عن القيمة الأخلاقية التي يجب أن تغرس في الطفل، ولا عن الصفة التي يجب أن يتصف بها فقط؛ بل سيتعرف بأسلوب قصصي واقعي من حياة الطنطاوي عن كيفية غرس القيم واكتساب صفات المربي الناجح.
هذا الكتاب مختص بعرض بعض من الوسائل التربوية التي مارسها الشيخ علي الطنطاوي في تربية أبنائه، ولقد تم اختزالها واختصارها لتطرح في مجلة “المجتمع” الكويتية. ولمن يحب هذا الكتاب ويرغب في الاستزادة ليس فقط بالجانب التربوي للطنطاوي ولكن في الجوانب الحياتية الأخرى أيضًا التي امتاز بها الطنطاوي في حياته كتحصيل العلم، فعليه بقراءة كتاب “جدي علي الطنطاوي كما عرفته” الذي صدر عن دار ابن حزم في عام 2013 لنفس الكاتبة.
اضف تعليق